Tunisie

لجنة الصّلح الجزائي، خسارة الميّت وخسارة الكفن – Actualités Tunisie Focus

ونحن على مشارف نهاية عهدة السّادة أعضاء اللّجنة الوطنيّة للصلح الجزائي أو من تبقى منهم، وبعد أن تعهّد السيّد رئيس الجمهوريّة ووعد بحصد آلاف المليارات في ستة أشهر قابلة للتمديد مرّة واحدة (باللّه عليك كيف عرفت أنّه سيعيّن أعضاء جددا ويفتح آجالا جديدة؟) وأمام فشل اللّجنة وصاحب المشروع يهمّ منظمة أنا يقظ أن تشير إلى ما يلي

🛑أوّلا- إنّ مرسوم الصلح الجزائي الّذي من المفروض أن يكون  » تكريسا لمبدأ العدالة الجزائية التعويضية » ما هو إلاّ ترسيخ لثقافة الإفلات من العقاب و افراغ للسياسة الجزائيّة للدولة من طابعها الزجري و الردعي، إذ صار القانون مستباحا وفي النهاية وبغض النظر عن مدى اجرامك في حق الدولة و الشعب، فإنّ « الصلح » دون محاسبة هو الحل

🔴ثانيا- إنّ الصلح الجزائيّ عمليّة تحيّل على شعب بأسره وخدعة توهمه بانه سيحصد « آلاف المليارات » و في رواية أخرى « 13 آلف مليار » و في رواية أغرب  » 30 بليون دينار تونسي (30الف مليون دينار تونسي) » والحال أنّنا ومنذ أكثر من سنة على صدور المرسوم و »دافع الضرائب » يتكبد مصاريف لجنة من منح و امتيازات وخبراء، دون تحقيق ما وعد به الرئيس

🛑ثالثا- إنّ الايهام أنّ الصلح الجزائي « مربح » للدولة التونسيّة تظليل للشعب، فالدولة التونسيّة في كلّ الأحوال عند استكمال مسارات التقاضي ضدّ من أجرموا في حقها وبعد ثبوت ما نسب إليهم تطالب بتعويض عن الأضرار الّتي تكبدتها

ونذكّر أنّ لجنة الصلح الجزائي طالبت بدفع مبلغ 11 مليون دينار من لطفي علي وشقيقه المتهمين في قضيّة فسفاط قفصة وتم اطلاق سراحهما على أساس اتفاقيّة الصلح، في حين أنّ المكلّف العام بنزاعات الدولة كان قد طلب مبلغا قيمته 167 مليون دينار كتعويض، فلا يكفي افلاته من العقاب وبتر مسار محاسبته بل أيضا دفع عشر ما كان يمكن أن يعوّضه للدولة، ناهيك عن القيمة الفعليّة لأعباء الدولة وجهود القضاة و الخبراء في دوائر العدالة الانتقالية و القطب القضائي المالي و سائر المحاكم والمكلّفين بنزاعات الدولة الّذين قضوا سنوات في جمع الملفات و التحقيق لينتهي الأمر « ببوس خوك وروّح » فقط كي يتم اسناد الفضل للجنة الرئيس ومشروع الرئيس

🔴رابعا- الصّلح الجزائي وسيلة ابتزاز في يد الدولة للرأس المال الوطني الفاسد، دولة تحجر السفر على من تريد وتضع قيد الإيقاف من تريد و « الصلح يجيب  » لأنّه ما عادت « للبحث » و التحقيق من قيمة، وتشدد منظمة أنا يقظ على أنّ نظام الأستاذ قيس سعيّد مثله مثل سابقيه يخدم عن وعي أو غير وعي دائما نفس الجهة المستفيدة الّتي تحتكر الثروة وتتحكم في الاقتصاد وحتى إن كان يرجى من الصلح الجزائي أن يكون « روبن هوود » فإنّه في النهاية وقبل كلّ شيء يخدم من أجرم, فقد ساهم مرسوم الصلح الجزائي في اطلاق سراح من أبرموه ولكنّ « حاسي الفريد » ظلّت أفقر معتمديّة ولم يتحسن وضع مواطنيها منذ أن أرسيت هذه اللّجنة

🔴ختــــــــــاما، يوم 12 نوفمبر 2023 تنتهي الآجال القانونيّة الّتي وضعها مرسوم الصلح الجزائي للجنة و لعلّ السيّد رئيس الجمهوريّة سيغيّر اللّجنة، ولكن تغيير الأشخاص غير كاف، وعليه تطالب منظمة أنا يقظ الدولة التونسيّة

بنشر تكاليف لجنة الصلح الجزائي في السنة الّتي مرّت و في المقابل النتائج الّتي أحرزتها و تدعو إلى الوقوف على مدى فشل هذا المسار وأسبابه، بعيدا عن الخطب الرنانة الّتي تبيع أملا زائفا لشعب أكثر من 16% منه يعيشون تحت خط الفقر

كما تطالب برفع اليد عن السلطة القضائيّة وتندد بعودة قضاء التعليمات، الّذي حتى وإنّ أدّى إلى إيقاف أشخاص تحوم حولهم شبهات فساد جديّة إلاّ أنّهم يفتقرون إلى أبسط ضمانات المحاكمة العادلة كما أنّهم في النهاية لن يحاسبوا وانّما سيجبرون على « الصلح الجزائي » الّذي يكرّس للإفلات من العقاب و يشجّع على العود

السيّد رئيس الجمهوريّة، السيّدة وزيرة العدل، السّادة نواب الشعب، إنّ السياسة الجزائيّة في دولتنا تعاني من الفصام، فبينما تحوّلت الدولة لسجن كبير للشعب وبينما تختنق السجون بالموقوفين الّذين ترقد ملفاتهم في سبات داخل محاكم، نجدكم تسعون للصلح واضعين ثمنا بخسا للجرائم المرتكبة « في حق الشعب »، ونجد مجلس نواب الرئيس يعد مشروعا لتنقيح الفصل 96 من المجلّة الجزائيّة المتعلّق بجريمة « الإضرار بالإدارة » ما هو إلاّ ترسيخ بالنص القانون لمعضلة « التعليمات إلي مالفوق » و فتحا لباب الفساد الإداري على مصرعيه

« إنه انتصار للحرية عندما تأخذ قوانين الجزائية كل عقوبة من طبيعة الجريمة. ينتهي كل تعسف. العقوبة لا تنبع من هوى المشرع ولكن من طبيعة الفعل » مونتسكيو

بيــــــــــــــان منظمة أنا يقظ