Tunisie

رابطة حقوق الإنسان تؤكد استئثار قيس سعيد بكل السلطات والمؤسسات وسعيه إلى اخضاع القضاء وجعله عصا لضرب خصومه – Actualités Tunisie Focus

كلمة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان

مرحبا بالضيوف الكرام شكرا لكم على الحضور وتلبية الدعوة

تحية تقدير واحترام خالصة لمناضلي ومناضلات الرابطة على ثباتهم ومبدئيتهم ونضالاتهم المتواصلة من أجل إعلاء صوت الحرية والعدالة والذود عن الحقوق والحريات

تحية خاصة لقدماء الرابطة رؤسائها، أعضاء هيئاتها المديرة، أعضاء فروعها منخرطيها وكل هياكلها على ثباتهم وتمسكهم بمبادئ منظمتنا العريقة

لا أنسى أن نستحضر نضالات من غادرونا ونترحم عليهم ونقول لهم لن ننساكم، نضالاتكم ومواقفكم منحوتة في قلوبنا

تحية الى مناضلات ومناضلي تونس وكل أصقاع العالم من أجل الحرية والكرامة والانعتاق والتحرر من أجل الحقوق الانسانية والعدالة الاجتماعية

فلسطين الأبية، قلوبنا وعيوننا ترحل إليك كل يوم، تحية الى فلسطين الشامخة وإلى مقاومتها الباسلة ضد الاستعمار والاحتلال

نحيي اليوم العالمي لحقوق الانسان بكل فخر واعتزاز ووعي راسخ بمسؤوليتنا في الدفاع عن حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وترابطها. نجتمع اليوم لنستحضر المبادئ الكونية الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والصكوك والمعاهدات الدولية مذكرين وأن جل ما ورد فيها بصدد الانتهاك في كل بلدان العالم

نجتمع اليوم ونستحضر بكل حزن وألم الجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة والتي تستوجب وقفة وهبّة جماعية حازمة لوقفها ومحاكمة مرتكبيها

بإحياء اليوم الدولي لحقوق الإنسان نجدد التزامنا برؤية كونية وشاملة للحقوق، داعمين ليس فقط الحقوق الفردية ولكن أيضا حقوق الشعوب، ونعبر عن تضامننا المستمر مع أولئك الذين يناضلون من أجلها في كل اصقاع العالم

إنه يوم مخصص للتأمل في التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان، وللنظر في الانتكاسات والانحرافات واستخلاص العبر والسبل نحو مزيد تعزيز المكتسبات وتجاوز العقبات والتآزر والتكاتف من أجل الدفاع عن كرامة الإنسان

وبمناسبة هذا اليوم، لا يفوتنا أن نرفع أصواتنا عاليا للتعبير عن استنكارنا الشديد احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة وتدهور الوضع في فلسطين وبالخصوص في غزة

إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، تتوجه للمجتمع الدولي للتعبير عن تنديدها واستنكارها إزاء حملة الابادة والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي يقترفها الكيان المحتل في حق الشعب الفلسطيني مما أسفر عن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ومئات الآلاف من المشردين. فمنذ بداية شهر أكتوبر، نشهد تصعيدا غير مسبوق للقمع والجرائم التي يمارسها الكيان المحتل. فالهجمة العسكرية غير المسبوقة، تمس من جوهر المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الانسان وللقانون الدولي الإنساني، حيث تستخدم الأسلحة المحظورة بدون رادع، وتداس الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني بدعم عسكري وسياسي غير مشروط من بعض الدول منها الولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول الأوروبية وتواطئ وسكوت مخز لبعض الانظمة العربية

إن التقاعس الدولي وتواطئ بعض الانظمة ومساندتها للكيان الصهيوني وتردد منظمة الأمم المتحدة في مواجهة هذه المأساة مرفوض رفضا قطعيا، فمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الموكول إليه حفظ السلام والأمن الدوليين، يبدو اليوم عاجزا وفاقد الإرادة للتصرف وفقا لمسؤولياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة

وفي هذه المناسبة نطلق نداء إلى كل هياكل المجتمع الدولي من أجل تحرك عاجل لوقف فوري لهذا العدوان وننادي ب

1- إدانة قوية وصريحة للمجازر التي يرتكبها الكيان المحتل في فلسطين وخاصة في غزة.
2- اتخاذ إجراءات فعالة لوقف العدوان، ورفع الحصار المفروض على غزة، وتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة للسكان.
3- إدانة الدول والجهات التي دعمت أو سهلت العدوان على الشعب الفلسطيني.
4- الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحقه في الحرية ومقاومة الاحتلال.
5- محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الفلسطيني وفق قواعد القانون الجنائي الدولي.

وإننا اذ نشدد على أن مسؤولية حماية الشعب الفلسطيني وكرامته تقع على عاتقنا جميعا، فإن وضعية الطوارئ الإنسانية ومعاناة الفلسطينيين المستمرة تتطلب تحركا فورياً وحازما، كما أننا واثقون من أن دعم المقاومة الفلسطينية والتضامن الشعبي والدولي يمكن أن يحدث التغيير ويحقق العدالة

أما على المستوى الوطني فإننا نجدد عزمنا على العمل من أجل تونس تكون فيها حقوق الإنسان متجذرة لا في التشريعات والمؤسسات فقط، لكن أيضا في النسيج المجتمعي لتسود العدالة والمساواة، ويعيش الجميع بكرامة وتحترم الحقوق والحريات للأفراد والشعوب. اذ تواجه تونس اليوم وضعا معقدا في ظل تحديات كبيرة في مجالات عدة، فعلى مستوى حقوق الإنسان

من جهة أولى يتوضح استئثار رئاسة الجمهورية بكل السلطات والمؤسسات، حيث يتواصل خضوع السلطة التشريعية لإرادة رئيس الدولة واقتصار دورها على إضفاء مشروعية برلمانية على التوجهات التي يضبطها الرئيس في غياب شبه تام لأي صوت معارض داخلها وفي انحصار دورها الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية. كما يتواصل تخبط عمل الحكومة التي جعلت منها أحكام دستور 2022 والممارسة السياسية السائدة مجرد أداة في يد رئيس الدولة تتسم أعمالها بالتخبط والعشوائية في غياب أي سياسة حكومية ترمي إلى مواجهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة. وفي نفس السياق يتواصل سعي السلطة التنفيذية إلى اخضاع القضاء وجعله عصا لضرب خصومها ومعارضيها، حيث جاءت الحركة القضائية الأخيرة لتعزز الخطوات السابقة التي أقدمت عليها الرئاسة والحكومة بهدف ترهيب القضاة وتطويع القضاء من تركيع للمجلس الأعلى للقضاء وعزل ونقلة وتسميات للقضاة بموجب قرارات وزارية وتشديد خطاب التهديد والشيطنة ضدهم

ومن جهة ثانية، شهدت المدة الأخيرة تواصل وتصاعد أشكال التضييق على الحريات وانتهاكات حقوق الانسان، حيث تكثفت الملاحقة القضائية والإيقافات ضد النشطاء السياسيين والمدنيين المعارضين في قضايا غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة وتم خلالها الدوس على حقوقهم الأساسية ورافقتها في أغلب الأحيان حملات التخوين والتحريض ضد كل نفس معارض. ولم يسلم الاعلاميون المستقلون من هذه الممارسات، فقد طالتهم التتبعات القضائية والإيقافات والأحكام بالسجن على خلفية ممارستهم لعملهم الصحفي، كما يتواصل استهداف المنابر الإعلامية المستقلة من أجل اخضاعها ولجم صوتها بمختلف الأشكال. وتأتي هذه الأوضاع في ظل تفاقم معاناة المواطنات والمواطنين من الأزمة الاقتصادية ووصولها إلى مراحل غير مسبوقة من ارتفاع جنوني للأسعار وفقدان للمواد الحياتية وتدهور للخدمات العمومية الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وسط غياب لأي سياسة واضحة وعقلانية لمعالجة هذه الأوضاع وإصرار السلطة على تعليقها على شماعة مؤامرات وهمية يحيكها مناوئونموهومون وذلك للتفصّي من المسؤولية في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب من جهة واستعمال الأزمة للتحريض على المعارضين من جهة أخرى 

إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، واستنادا إلى مرجعيتها الحقوقية الكونية ورصيدها ودورها الوطني، تعبر عن

– رفضها لتواصل الانحراف نحو إرساء حكم فردي تتغول فيه رئاسة الدولة على بقية المؤسسات، وتخضع فيه السلطة التنفيذية بقية السلط والمؤسسات المستقلة والتعديلية، ويهمش دور الهياكل التمثيلية والأجسام الوسيطة، ويتم تصحير الحياة السياسية عبر شيطنة الأحزاب والعمل السياسي

– استنكارها لتصعيد السلطة التنفيذية أعمالها الرامية إلى اخضاع القضاء وتحويله إلى عصا بيدها وتطالب بالتراجع عن الإجراءات التي تمس من الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية

– إدانتها لتواصل التضييق على الحريات وانتهاكات حقوق الانسان وحملات التخوين التي تأتيها السلطة ضد كل من يخالفها الرأي

– إدانتها الشديدة لتواصل الملاحقة القضائية ضد النشطاء السياسيين والمدنيين وإيقاف مواطنين على خلفية نشاطهم أو ممارستهم لحقهم في التعبير والتنظم، وتندد بالانتهاكات التي طالت الموقوفين والموقوفات خلال مراحل الإيقاف والتحقيق، ومطالبتها بإطلاق سراحهم ووقف التتبعات ضدهم والكف عن توظيف أجهزة الدولة ضد الخصوم والمعارضين والأصوات المستقلة

– استنكارها تواصل التضييق على حرية التعبير والصحافة والإعلام، وتواصل وضع يد السلطة على المؤسسات الإعلامية العمومية والسعي إلى اخضاع المؤسسات والمنابر الإعلامية المستقلة من أجل طمس التنوع في المشهد الإعلامي. وتجدد الرابطة مطالبتها بإلغاء المرسوم عدد 54 وإعادة الاعتبار لدور الهيئات التعديلية المستقلة في مجال الاعلام وتحرير الاعلام العمومي من التبعية للسلطة التنفيذية

– تضامنها مع معاناة التونسيات والتونسيين جراء تفاقم الأزمة الاقتصادية ومطالبتها السلط المعنية بضرورة تحمل مسؤوليتها في معالجة الأزمة وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لأفراد الشعب

– تجديد التزامها بدورها الوطني الرامي إلى تكريس الديمقراطية ودولة القانون واحترام حقوق الانسان، ودعوتها جميع القوى الديمقراطية والحقوقية إلى الالتقاء حول برنامج عمل مشترك في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة

– حرصها على الحوار والتعاون مع كل المؤسسات من أجل حماية وتعزيز الحريات وحقوق الانسان، وتجدد أيضا التزامها بالنضال مع شركائها في المجتمع المدني والحركة الديمقراطية من أجل الحفاظ على المكتسبات التي حققها الشعب التونسي في مجال الحقوق والحريات ومكافحة أي انحراف استبدادي

– دعوتها إلى تعبئة جماعية دفاعا عن الديمقراطية والحقوق الأساسية، داعية المجتمع المدني والفاعلين الديمقراطيين إلى توحيد جهودهم من أجل الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي افتكها الشعب التونسي بفضل نضاله وتضحياته

في الختام، نجدد أسمى عبارات الشكر لجميع المشاركين والحاضرين والشركاء الذين ساهموا في جعل هذه الندوة مساحة حوار وتفكير حول حقوق الإنسان في تونس. متأكدين من أن مشاركتكم ستثري النقاش وتعزز فهمنا الجماعي للتحديات الحاسمة التي تواجه بلادنا ومجتمعنا، كما أتوجه بالشكر الى الأصدقاء موظفي الرابطة على المجهودات المبذولة لإنجاح هذه الندوة

رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان

بسام الطريفي