Tunisie

المناهج التربوية العرجاء – Actualités Tunisie Focus

لطالما تبرّمت عند متابعة دروس أحفادي من سوء اختيار النصوص التّي كأنّما يتعمّد مدرجوها في الكتب المدرسيّة الرسميّة أن يعسّروا على التلميذ و أن ينفّروه من متعة التعلّم برداءة ما يختارونه و بلادة ما ينتقونه

كنّا في هذا الصباح ثلاثة من « عمالقة » المعرفة باللغة نتراتح على حفيد لنا في سنته السادسة الابتدائيّة : أمّه أستاذة جامعيّة و جدّته أستاذة اللغة المتقاعدة و جدّه الجامعيّ اللغويّ المتقاعد و كنّا متسلّحين بما لنا من الصبر على الإفهام و ما لنا من الترسانة البيداغوجيّة و العلميّة من أجل أن نشرح له النصّ الفرنسي التالي و نساعده على حفظه. يقول النصّ 
« Cédric a été surpris par la couleur vert olive et la forme du costume que lui a cousu sa grand-mère.  Le pantalon est trop long » : lui dit-il

أنا لن أطيل عليكم، و لكنّي أسألكم كم فيكم من خاطت له جدّته بذلة؟ و كم فيكم يعرف اللون الأخضر الزيتوني و الأخضر القاروري و غيره؟ و كم فيكم يقدر على تصريف « خاطَ يخيط »؟ و كم فيكم التقى باسم « سيدريك » و كم فيكم يميّز بين الأسلوب المباشر و الأسلوب غير المباشر و الأهمّ من ذلك : كم فيكم يتذوّق طرافة هذا النصّ في قيمته اللغويّة و المعنويّة و الجماليّة و الإيقاعيّة حتّى يجد الطفل في نفسه ميلا إلى قراءته و يسرا في حفظه و لعمري ماذا ستكون الفائدة الحاصلة من نصّ في مثل هذه التعاسة و الرداءة

و قِسْ على هذا في مختار نصوص المحفوظات الأدبيّة و القرآنيّة في العربيّة

و لعلّ بعضكم قد استحضر في العربيّة ذلك النصّ الأسطورة نصّ سروال عبد الرحمان و أين جمال ذلك النصّ من تفاهة هذا النصّ و حاشا الفرنسيّة من أن تخلو من نصوص رائعة في سلاستها و أناقتها و عمق أغوارها العاطفيّة و الفكريّة. و لكن 

لقد أسمعت لو ناديت حيّا و لكن لا حياة لمن تنادي

الدكتور الهادي جطلاوي