Tunisie

اتحاد الشغل يصدر بيانا شديد اللهجة ضد السلطة القائمة بمناسبة عيد الشغل

تظلّ غرة ماي 2023 التاريخ الأقرب إلى الطبقة العاملة والأكثر التصاقا بمصيرها لكونه حدثا ملتصقا بما تخوضه من صراع لا ينقطع ضدّ جميع أشكال الاستغلال ومن نضال لا يفتر ضدّ صنوف الحيف الاجتماعي والقهر الطبقي ومن توق دائم إلى فرض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية من أجل تحقيق الحرّية والمساواة والعدالة الاجتماعية. ففي مثل هذا اليوم من سنة 1886 انتفض عمّال شيكاغو ضدّ جبروت رأس المال وسطّروا بدمائهم التي سالت بزخّات رصاص شرطة المدينة، طريق النضال ورسموا للحركة العمالية العالمية مسارا جديدا رسّخوا فيه مكاسب كثيرة انطلقت من تحديد ساعات العمل اليومي بثماني ساعات بعد أن كانت تفوق اثنيْ عشرة ساعة وتوسّعت تلك المكاسب لتشمل ضمان الحقّ النقابي والحماية الاجتماعية واستقرار العمل وتوفير العمل اللائق وغيرها من المكاسب التي يتمتّع بها عمّال العالم بفضل نضالاتهم وتضحياتهم

أيّتها العاملات أيّها العمّال 

لقد دأب في كلّ غرّة ماي الاتحاد العام التونسي للشّغل على إحياء عيد العمّال العالمي، هذا اليوم العظيم، بكلّ فخر واعتزاز وعيا منه بدور الطبقة العاملة في انتاج الثروة وفي صنع التاريخ وفي تحديد مسيرة البشرية، واعترافا بحقّ العمال في التمتّع بالثروة التي يساهمون في انتاجها وهي مناسبة لتأكيد التطابق بين المبادئ التي تأسّس عليها على يد الشهيد الزعيم فرحات حشاد وثلّة من رفاقه وبين مبادئ الحركة النقابية العالمية التي انبنت على مبادئ التضامن العمّالي والانتصار لمصالح الشغّالين وعموم الشعب في كلّ أصقاع المعمورة بغضّ النظر عن العرق والجنس واللون والمعتقد وهو ما تجسّم في مناسبات كثيرة كان آخرها مشاركة نقابيين من تونس في عديد التظاهرات العمّالية في بلدان مختلفة ومشاركة نقابيين أصدقاء من بلدان متعدّدة في دعم الاتحاد وإسناده ضدّ العسف المسلّط على النقابيات والنقابيين في بلادنا ليجابهوا من السلطة القائمة بالترحيل ومن بعض مدّعي الديمقراطية بالجحود والنكران، وإنّنا نجدّد التأكيد على أنّ الشغّالين في تونس هم في أمسّ الحاجة اليوم إلى دعم هذه القيم والثوابت وتعبئة القوى للدّفاع عنها ولتجسيمها على أرض الواقع خاصّة في ظلّ هجمة ليبرالية متوحّشة وتعسّف سلطوي يستهدف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وفي مقدّمتها الحقّ النقابي وحقّ الإضراب وحقّ التفاوض

أيّها الشغّالون 

تعود علينا ذكرى عيد العمّال هذه السنة في مناخ دولي وإقليمي يشهد تغيّرات كبيرة تتّجه على أن تكون عميقة وجذرية لتعاد فيه صياغة موازين القوى والتحالفات والتكتّلات على نحو مغاير لما كان سائدا منذ ثلاثة عقود خاصّة منذ سقوط جدار برلين، وقد تُرجم هذا في تنامي التوتّرات بين القوى الرأسمالية العالمية وفي تصاعد الصراعات بينها حول تقاسم الأسواق والثروات ومناطق النّفوذ من خلال إشعال الحروب في مناطق كثيرة وخاصّة منها التي تمثّل محلّ نزاع كالشرق الأوسط وإفريقيا ومناطق من آسيا وأوروبا الشرقية، وهي حروب دموية تشعلها الرأسمالية وتذهب الطبقة العاملة وسائر الشعوب الضعيفة ضحيّة لها

ولمّا كانت بلادنا لا تخرج عن دائرة البلدان الخاضعة لهيمنة رأس المال فمن الطبيعي أن تتأثّر سلبا وبشكل كبير من هذه الصراعات وأن تتعمّق أزمتها الداخلية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تواصلا مع مخلّفات عقود من الفشل والسياسات الليبيرالية

فبلادنا تعيش منذ سنوات أزمة سياسية حادّة وغير مسبوقة لم تستطع سياسة المغامرة والتفرّد بالرأي والمرور بقوّة وفرض الأمر الواقع إلاّ تعميقها ويتجسّم ذلك في الانقسام الحادّ الذي أصبح عليه المجتمع والتمترس المتصلّب الذي صارت إليه القوى وحالة الاستقطاب القصووية التي انشغلت بها هذه القوى في وضع تشهد فيه مؤسّسات الدولة وأغلب أجهزتها العطالة والتفكّك والتفتيت وقد أثّر ذلك مباشرة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي الذين يعيشان منذ عقود أزمة هيكلية تنذر بالانهيار وبتلاشي النسيج الاقتصادي واندثار مؤسّساته وتفجّر البنى الاجتماعية وهياكلها التقليدية وغير التقليدية

فكلّ المؤشّرات تبرز أنّ بلادنا تعيش على حافة كارثة اقتصادية عجزت الحكومات المتعاقبة عن الخروج منها ولم تجد لها من حلول غير مزيد التداين وإثقال كاهل عموم الشعب بالضرائب وبرفع الدعم من أجل سدّ عجز ميزانية الدولة، فغابت السياسات الإصلاحية للمؤسّسات وللهياكل الاقتصادية وللقطاعات وخاصّة منها الاستراتيجية وحلّ محلّها الارتجال والارتهان إلى صناديق الإقراض العالمية التي تتصيّد مثل هذه الفرص لإملاء شروطها والهيمنة على اقتصاديات البلدان التي تعيش أزمات كالتي تعيشها بلادنا، وبدل البحث عن الموارد الذّاتية وابتكار الحلول بما يتلاءم مع متطلّبات واقعنا، عمدت الحكومة الحالية إلى أسهل الطرق لسدّ فراغات ميزانيتها التي عمّقتها لسنتين متتاليتين، وراحت تفاوض سرّا صندوق النقد الدولي على برنامج لا يعلم فحواه غير فريق مغلق تعوّد على اعتماد الوصفات الجاهزة واتباع الإجراءات التقنية غير المجدية في غياب كلّي للشفافية والتشاركية ووضوح الأهداف وفي تغييب غير مسبوق للشّعب، وهو تفاوض لم يفض إلاّ إلى مزيد رفع سقف شروط الجهات المانحة وربط اقتصادنا كلّيا بخيارات تملى خارجيا وبسياسات غير قادرة على إخراج تونس من الأزمة خاصّة في ظلّ التضارب الصارخ بين الموقف المعلن لرئاسة الدولة والسياسة التفاوضية السرّية للحكومة

أيّتها العاملات أيّها العمّال

لقد تضافرت كلّ العوامل ضدّ العمّال وضدّ أغلب فئات الشعب منها ما تعلّق بانعدام الاستقرار السياسي ومنها ما ارتبط بالفشل الحكومي في تجاوز الأزمة ومنها ما هو خارجي إقليمي ودولي فتدهورت الحالة الاجتماعية لعموم الشعب المفقَّر وللأجراء فارتفعت نسب الفقر وانهارت الطبقة الوسطى وعمّت البطالة خاصة بعد وقف باب الانتداب وبعد غلق عديد المؤسسات أبوابها عجزا أو إفلاسا وطالت خاصة فئة الشباب ومنهم حاملو الشهائد العلمية وتدنّت الأجور وتدهورت المقدرة الشرائيّة واستفحل غلاء الأسعار وارتفعت تكاليف العيش، خاصّة مع سياسة رفع الدّعم والضغط على كتلة الأجور ووقف الانتداب وواقع تزايد الاحتكار والتهريب وتواصل ندرة بعض المواد الأساسية من أغذية وأدوية وغيرها، في ظلّ خيارات ليبيرالية جشعة تسيطر فيها الأقلّية على مصادر الثروة وتستأثر بمنافعها مدعومة بترسانة قانونية تصبّ في خانة الحماية المستدامة لمصالح هذه الفئة القليلة ضمن ما يسمّى بالاقتصاد الريعي في غياب نُظُم المنافسة الشريفة والعادلة من جهة وأصحاب المبادرات الاقتصادية الشبابية من جهة ثانية، ويتمّ فيها إقصاء عموم الشعب وكلّ قواه الوطنية والاجتماعية وتدفع البلاد إلى حافة الإفلاس والانفجار الاجتماعي الذي لا يبقي ولا يذر ويهدّد كيان الدولة وسيادتها ومستقبله

أيّها الشغّالون 

لقد اعتبر الاتحاد لحظة 25 جويلية فرصة تاريخية لتصحيح مسار ثورة طالما حلم فاعلوها الأصليون بقطف ثمارها وبالقطع مع حقبات الحيف والاستبداد، كما أمل النقابيات والنقابيين، مثل عموم شعبنا، في إيلاء المسألتين الاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الأكبر وفي إحلال هموم شعبنا ومشاغله وتلبيةِ انتظاراته وآماله المحلّ الرئيس، وقد حاول الاتحاد، جاهدا، فرض منطق الحوار بدل سياسة التفرّد ومنطق الاصطفاف الأعمى، وقدّم اقتراحات في الغرض وأكّد وجوب الاعتماد على ذواتنا والتعويل على تعبئة الموارد الذّاتية وتقاسم التضحيات، غير أنّه، وكأغلب شرائح المجتمع ومكوّناته الاجتماعية والمدنية، صُدم بنزعة استبدادية تسلّطية عمدت إلى شيطنة كلّ من يخالفها الرأي وتلفيق التهم ضدّهم والتضييق على حقّهم في المعارضة والرفض والاحتجاج وتمّ الاعتداء على الحرّيات والتضييق على حرية الصحافة وعلى حقّ النفاذ إلى المعلومة والسعي لوضع اليد على المؤسّسات الإعلامية وخاصّة منها العمومية وجوبه الاتحاد ومنظّمات المجتمع المدني والسياسي بحملات الشيطنة والتشويه والتهجّم والمحاصرة وحياكة المؤامرات لإرباكه ومنعه من لعب دوره الوطني في إنقاذ تونس ممّا أغرقها فيه الحكّام المتعاقبون إلى اليوم

لقد خلُص النقابيون إلى أنّ نظام الحكم، ومهما تغلّف بالشعارات التي يروّجها من أجل تبرير فشله الاقتصادي والاجتماعي  و على االانتهاكات التي تطال الحرّيات، ورغم أنّ منظومة الحكم قد تركّزت بين يديها كافّة السلطات في سابقة لم تسنح من قبل، فإنها لم تفعل غير إعادة إنتاج أسباب الأزمة واستخدام معاول الهدم ذاتها وقوى الجذب إلى الوراء نفسها وبنفس منطق الإقصاء والتهميش واستبعاد أيّ نفس تشاركي والتعنّت في فرض الرؤى الشخصية والتفرّد بامتلاك الحقيقة والإيهام بالتعبير عن روح الشعب والشعب عن كلّ ذلك مبعَد ومقصى وغارق في ما أوقعته فيه السياسات الرسمية من لهث وراء الهمّ اليومي وتخبّط في وحل الجري وراء الكسب وتوفير أدنى أسباب العيش ولا حلول في الأفق غير وعود شعبوية وإخفاقات يضاعف من تراكمها يوما بعد يوم، ويتمّ تبريرها دوما بالترويج إلى منطق المؤامرة والتدخّلات الأجنبية ووصم الخصوم ودون تمييز بالخونة وإلى شعار الحرب الكاذبة على الفساد، في الوقت الذي تغرق فيه السياسات الرسمية في تعميق تبعية البلاد إلى الخارج وتستشري أثناءه كلّ مظاهر الفساد على نحو غير مسبوق مسّ كلّ القطاعات والمسؤوليات، وأغرق البلاد في حالة من العطالة والتوجّس والخوف وأدّى إلى شلّ قوى العمل وتثبيط العزائم وإحباط كلّ أمل في النهوض والتقدّم

أيّتها العاملات، أيّها العمّال 

لقد عارض الاتحاد العام التونسي للشّغل الخيارات الليبيرالية التي تنتهجها السلطة الحاكمة فرفض رفع الدّعم وعرّى الشعارات البرّاقة التي تدّعي السعي إلى توجيه الدعم إلى مستحقّيه وهي في الحقيقة تعمل على مزيد تفقير الشعب، إذ لا أحد يستطيع اليوم أن يقنعنا بأنّ رفع الدعم هو خيار مناسب والحال أنّ أجور الشغّالين في تونس هي من أضعف الأجور في المنطقة وأنّ الأزمة المخيمة على البلاد لا يمكن أن تسمح بتحميل الأجراء سوء الخيارات الليبيرالية وأنّ إجراء كهذا لا يمكن أن يمرّ، وعلى النحو الذي وضعته الحكومة في غرفها المظلمة،ّ مادام لا يخضع إلى التشاور والتشاركية مع ضمان معايير الشفافية ومصالح الفئات الاجتماعية المتضرّرة

كما رفض الاتحاد سياسة التفويت في المؤسّسات العمومية وانتقد تحايل الحكومة ومغالطاتها واعتبر أنّ مردّ أزمة هذه المؤسّسات عائد إلى ما تنتهجه الحكومة، كسابقاتها، من سياسات خاطئة وخيارات تستهدف القطاعات جميعها بما فيها القطاعات الاستراتيجية خضوعا لضغوطات اللوبيات ومراكز القوى والإملاءات الخارجية، وقد برز ذلك خاصّة في منظومات القوانين المختلفة ومنها ما يسمّى بالشراكة بين القطاع العام والخاص ومجلّتي الاستثمارات والمياه وملفّات الطاقة والفلاحة وخاصّة منها المتعلّقة بالأراضي الدولية وبالدواوين العمومية التي كان من المفروض أن تضمن أمننا الغذائي ومستقبل الأجيال القادمة

لكنّ الاتحاد العام التونسي للشّغل لم يفتأ يؤكّد على وجوب فتح ملفّات الإصلاحات في العديد من القطاعات والمنظومات ومنها ملفّات إصلاح منظومات الجباية والتعليم والصحّة والنقل وسائر المرافق الاجتماعية ومراجعة منظومة الحماية الاجتماعية ووضع الصناديق الاجتماعية وإنقاذ المؤسّسات العموميّة ووضع البرامج والخطط لإصلاح القطاعات الحسّاسة كالفلاحة والطاقة والمياه والسياحة والبيئة وغيرها من القطاعات

أيّتها العاملات أيّها العمّال

بسبب مواقف الاتحاد الرافضة رفع الدّعم وبيع المؤسّسات العمومية ووقف الانتدابات وتحميل الأجراء تبعات فشل السياسات المتّبعة والمنتقدة بشدّة للمفاوضات السرّية التي تخوضها الدوائر الحكومية مع صندوق النقد الدولي، جابهت السلطة القائمة الاتحاد بسياسة معادية للحوار الاجتماعي تلتفّ على الاتفاقيات وتخرق القوانين وتنتهك الحقّ النقابي وتزجّ بالعمّال والنقابيين في السجون وتجعلهم عرضة للطّرد التعسّفي وتخضعهم للتضييقات ولا تتردّد في استخدام أجهزة الدولة لنسف أيّ مكسب اجتماعي أو مهني، وقد برع وزراء معيّنون تلقّوا المباركة من أعلى هرم السلطة، في حياكة الملفّات الكيدية وفي توظيف القضاء لهرسلة النقابيين وجبرهم على الصمت وعلى التخلّي عن مهمّاتهم في الدفاع عن منظوريهم في سابقة تكاد تفوق ما كان يسلّط على النقابيين زمن ما قبل الثورة فتعرّض النقابيون في قطاعات النقل والثقافة والتجارة والشؤون الدينية وغيرهم إلى المحاكمات وإلى الإحالة على مجالس التأديب على خلفية نشاطهم النقابي وأخضعتهم العصابات الإلكترونية إلى عمليّات سلخ وتشويه وإساءة كانت دأبت عليها مجاميع أنصار السلط في كلّ عصر. كما عمدت السلطة أخيرا إلى بعث التنسيقيات في بعض القطاعات لضرب العمل النقابي وتشتيت العمّال ولم تتردّد في استخدام أسلوب أسلافها من عتاة الاستبداد المعادين للاتحاد العام التونسي للشّغل في نفخ الروح في نقابات موازية لا وجود لها على أرض الواقع ولا تملك وزنا يذكر ولا تمثيلية لها بين العمّال في محاولة فاشلة لضرب منظّمة حشّاد

إن واقعا متردّيا كهذا لن يزيد إلاّ في إنماء جذوة النضال فينا من أجل الدفاع عن مكاسب العمّال والوقوف مع حقّهم في العمل اللائق والأجر المحترم والعيش الكريم والتمتّع بثروة الوطن المنهوبة ومواصلة الدفاع عن حقوق عموم شعبنا في الشغل والحرية والعدالة الاجتماعية وعن فئاته وجهاته المفقّرة والمحرومة والمهمَّشة ويستدعي من العمّال التفافا بمنظّمتهم الاتحاد العام التونسي للشغل وإيمانا بدوره الفعّال ويدعو النقابيين إلى الوحدة وإلى رصّ الصفوف وإلى الاستعداد للنضال من أجل حقوقهم وحماية مكاسبهم

وإنّنا مصرّون على أن تطبّق الحكومة الحالية ما تمّ الاتفاق فيه حول تنفيذ الاتفاقيات القطاعية المبرمة وضرورة الإسراع في عقد الجلسة التقييمية للوضعين الاقتصادي والاجتماعي ومتابعة مؤشّرات التضخّم والغلاء والنمو وازدياد الفقر لمراجعة الأجور على ضوئها للتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية للشغّالين وفتح تفاوض جدّي ومسؤول حول ملفّ الدّعم ووقف السياسات الجائرة التي تنتهجها الحكومة في الرفع الجزئي والتدريجي للدّعم بمغالطة تدّعي توجيهه لمستحقّيه. وفي نفس الوقت مراجعة الجوانب الترتيبية عبر إنهاء تنقيح النظامين الأساسين للوظيفة العمومية والدواوين والمنشئات العمومية ومن ثمّة الشروع في تنقيح الأنظمة الأساسية القطاعية

وفي السياق ذاته فإنّ الاتحاد مصرّ على إنهاء معاناة أبناء قطاع التربية والتعليم والاستجابة إلى مطالبهم المشروعة وإنقاذ السنة الدراسية ومواصلة ما تمّت برمجته وصياغته بصفة تشاركية من إصلاحات لإنقاذ المدرسة العمومية، وبنفس التصميم نشدّد على الاستجابة لمطالب العديد من القطاعات ومنها الصحّة والبلديّات وغيرهما من القطاعات التي تعاني التهميش والحيف وقد نفذ صبرها ومن حقّها اتخاذ الاشكال النضالية لتحقيق مطالبها المشروعة

وبالتوازي مع ذلك فإنّنا نطالب بعض الغرف في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بتطبيق بعض الاتفاقيات المبرمة في الزيادة في الأجور غير المفعّلة لعمّال القطاع الخاص والبدء في تنقيح الاتفاقية الإطارية والاتفاقيات القطاعية المشتركة

أيّتها العاملات أيّها العمّال 

يحيي العالم اليوم عيد العمّال والآلة الحربية الصهيونية تنكّل بالشعب الفلسطيني فتتصاعد عمليّات الاغتيال والقنص وتتالى حملات الاستيلاء على الأراضي والمباني وتدنيس المسجد الأقصى وتشتدّ عمليات الطرد والتهجير وترتفع أعداد الأسرى والمعتقلين والمختطفين وتحت طائلة الجرائم ضدّ الإنسانية التي يمارسها الكيان الصهيوني يوميّا يهرول الحكّام العرب وبعض نخبه للتطبيع ولرفع الحصار على الكيان الغاصب وتبييض جرائمه

وفي الإطار نفسه تستمرّ الحرب على الشعب اليمني وتتواصل الهجمات الإرهابية والصهيونية على سوريا وتشعل القوى الموالية للدوائر العالمية حربا في السودان وقودها الشعب المفقّر والمنهك بالحروب الأهلية والمستنزف بالانقسامات والتفتيت

وفي هذه المناسبة التاريخية يجدّد الاتحاد العام التونسي للشغل وقوفه الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني وقواه العاملة ودعمه لصموده في وجه الاحتلال الغاشم العنصري ويعبّر عن إسناده للنّضال البطولي من أجل الحقّ الفلسطيني وهي مناسبة لدعوة كلّ قوى الحرّية والتقدّم في الوطن العربي وفي العالم وفي مقدّمتها الحركة النقابية إلى تكثيف دعمها لكفاحه المشروع والضغط على دولها من أجل وقف العدوان الصهيوني وإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال حتّى يستعيد شعبنا في فلسطين جميع حقوقه الوطنية المسلوبة وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف ويجدّد الاتحاد مطالبته، التي طال أمد انتظارها، بسنّ قانون تونسي يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري رغم الوعود الانتخابية الفضفاضة في شأنها

وفي الإطار نفسه، فإنّ الاتحاد يثمّن عودة العلاقات بين تونس وسوريا ويراها استجابة للإرادة الشعبية وللدعوات المتكرّرة التي أطلقتها القوى الوطنية وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشّغل منذ 2012 ويعتبرها خطوة أساسية لتمتين الروابط بين الشعبين والدولتين وفرصة لكشف حقيقة موجات التسفير التي دفعت بآلاف الشباب من تونس إلى الإرهاب وإلى ارتكاب أفضع الجرائم في حقّ الشعب السوري وتمكّن بلا شك من إضاءة جانب من حقيقة التحركات الارهابية في تونس ومنها الاغتيالات السياسية التي طالت الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي وعدد من الأمنيين والعسكريين والمدنيين في بلادنا، كما يعبّر عن تنديده بالاقتتال الذي أشعلت فتيله جنرالات الجيش في السودان ويدعو إلى وقفه. وفي نفس الإطار يعتبر الاتحاد هذه المناسبة فرصة لتجسيد التضامن العمّالي العالمي ويعبّر عن مساندته المطلقة لنضالات الطبقة العاملة في فرنسا التي تواجه عسف رأس المال وغطرسته وقمعه ببطولة نادرة

عاشت الطبقة العاملة في تونس قوية موحّدة

عاش التضامن العمّالي العالمي

عاشت تونس

المجد والخلود للشهداء

الأمين العام

نورالدين الطبّوبي

بيــــــان