المحتجزة قسريًّا تقول لأنصارها : ثورتنا تتقدّم بكلّ ثبات نحو تحقيق أهدافها – Actualités Tunisie Focus

رسالة إلى ثوّار التّنوير

– ثورتنا تتقدّم بكلّ ثبات نحو تحقيق أهدافها –

من مركز احتجازي القسري أوجّه لكم هذه الرّسالة بمناسبة إحياء الذكرى الثّالثة لإنطلاق ثورة التّنوير الّتي ولدت من رحم نضالات وتضحيات ومعاناة أعضاء كتلة الحزب الدستوري الحر داخل برلمان الإخوان

ثورتنا ولدت محدّدة الأهداف، مضبوطة البرامج، معلومة الهويّة بقيادة صلبة وثابتة وعازمة على إيصال تونس إلى برّ الأمان، ثورتنا تقوم على مخاطبة عقول التونسيّين وفتح الأبصار والبصائر وكشف الحقائق واستنهاض الهِمَمْ وإذكاء الرّوح الوطنيّة وتحميل الشّعب مسؤوليّته في الذَّودِ عن بلاده والمحافظة على مكاسب دولة الاستقلال وتطوير منجزاتها والقطع مع سلبيّات الماضي ومناهضة الظّلاميّة والعنف والفوضى

منذ انطلاق ثورتنا من مدينة المنستير يوم 19 ديسمبر 2020، خرجنا من القاعات المغلقة واعتمدنا سياسة الزّعيم الحبيب بورقيبة ورفاقه في الإتّصال المباشر بالمواطنين لتنويرهم حول خفايا ما يجري داخل مؤسّسات الدولة ومنع سقوطهم في فخ المغالطات والاستبلاه وتحريف الواقع، سلاحنا في ذلك هاتف جوّال وبثّ مباشر وخطاب صريح وصادق

على امتداد ثلاث سنوات جبنا البلاد طولاً وعرضًا في قوافل التّنوير للاطلاع على مشاغل التونسييّن وظروف عيشهم وحملناهَا إلى مركز الدّراسات الاستراتيجية والتّوثيق لإيجاد الحلول وصياغة البرامج القابلة للتطبيق

نشرنا مئات نقاط التّنوير وأَمّناَ ألاف ساعات البثّ المباشر وإعتمدنا أسلوب تبسيط المعلومة والمزج بين الجدّ والنّكتة وعرضنا الحقائق بالصّوت والصورة وبالحجّة والبرهان وكشفنا أخطر ملفات الاختراق والفساد وقدّمنا عشرات الشّكايات إلى مختلف الأجهزة القضائيّة ووجّهنا المرسلات إلى الحكومات المتعاقبة ومنعنا تمرير المعاهدات والقوانين المدّمرة وزعزعنا عرش الظّلاميين، وضعنا ميثاقًا سياسيًّا عرضناه على مختلف القوى المدنيّة بالبلاد

على امتداد ثلاث سنوات، ملأنا الشّوارع والسّاحات بمسيرات شعبيّة ضخمة ووقفات احتجاجيّة هادفة واعتصمنَا تحت الشمس وفي قلب البرد لمكافحة التّنظيمات الإرهابيّة والتحذير من مخاطرها على الأمن القومي

أكتب إليكم اليوم وأنا محتجزة تعسُفيًّا وفي أسوء حالة صحّيّة وأنا فخورة بما قمنا به من نضالات لصالح بلادنا ومتأكدّة من أنّ إحتجازي وتعذيبي أكبر دليل على نجاح ثورتنا وصحّة مواقفنا وتقدّمنا نحو استرجاع الوطن

وصيًتي إليكم، واصلوا نشر التّنوير وإيقاظ الضّمائر وتحريك السّواكن بكلمة الحقّ لمزيد كسب ثقة الفئات الواسعة من الشّعب التّونسي الملتفة حولنا والمؤمنة بمشروعنا الوطني

إياكم أن تتركوا التونسيين فريسة للأبواق المطبلة للدكتاتورية والانغلاق والفشل والعزلة الدولية

إيّاكم أنْ تُفرطُوا في حقّ أبنائكم في العيش في جمهوريّة مدنيّة حرّة ديمقراطيّة اجتماعيّة تٌحْترَمُ فيها الذّات البشريّة وتضمن فيها الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمدنيّة والسياسيّة

واصلوا وأصبروا وصابروا فلا بُدّ لليل أن ينجلي ولا بُدّ للقيد أن ينكسر

للحديث بقيّة –سجّل يا تاريخ

تونس في 19 ديسمبر 2023