جمعية « تقاطع من أجل الحقوق والحريات » تؤكد على ضرورة إنهاء سياسة تكميم الأفواه وقمع الحريات
يوم السبت 18 جانفي 2025، أقدمت المساعدة الأولى لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس مرفوقة بأحد أعوان أمن المحكمة، على دخول مقر جمعية القضاة التونسيين، أثناء انعقاد اجتماع المكتب التنفيذي، حيث توجهت إلى رئيس الجمعية وأعضاء المكتب وأعلمتهم بضرورة المغادرة تنفيذًا لتعليمات وكيل الجمهورية، وفقًا لما جاء ببيان الجمعية، وتحميلهم المسؤولية في حال عدم تطبيق الأمر
وجاء هذا القرار بذريعة مُدعاة، وهي تزامن وقت الاجتماع مع عطلة نهاية الأسبوع وعدم السماح بالدخول إلى مقرّ المحكمة
في خطوةٍ تُنذر بتداعياتٍ خطيرةٍ على مُستقبل استقلال القضاء في تونس وتُعيدنا إلى سنوات القمع، حيث كانت السلطة تحاول السيطرة على الجهاز القضائي وتطويعه خدمةً لمصالحها
في تصريح لها، اعتبرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس
أن ما جاء في بلاغ جمعية القضاة هو من قبيل المغالطة، حيث إنهم لم يطلبوا سوى احترام الإجراءات التنظيمية المتعلقة بتأمين المحاكم خارج أيام العمل الرسمية، وذلك بالإعلام المسبق عن تنظيم الاجتماع
وفي ردها على ذلك، أكدت جمعية القضاة في بيانها الصادر يوم 21 جانفي 2025 صحة ما وقع من مطالبة رئيس الجمعية وأعضاء المكتب التنفيذي من قبل المساعدة الأولى لوكيل الجمهورية بتونس، المصحوبة بعون الأمن، بإخلاء مقر الجمعية حالًا ومغادرة المكان، نافية ما جاء من مزاعم حول إصرار أعضاء المكتب التنفيذي لجمعية القضاة على الدخول إلى مقر المحكمة الابتدائية بتونس. وأكدت أن اجتماع أعضاء المكتب التنفيذي داخل مقر قصر العدالة على نحوٍ مُعتاد وهو من صميم العمل النقابي والجمعياتي، فضلًا عن صفاتهم كقضاة
وفي هذا السياق، تعتبر جمعية « تقاطع من أجل الحقوق والحريات » أن ما يقع من تضييق على حق الجمعية في النشاط والاجتماع بكل حرية واستقلالية ليس سوى حلقة من سلسلة الانتهاكات التي تطال القضاة المدافعين عن استقلالية القضاء وإبعاده عن الإملاءات السياسية المفروضة من السلطة التنفيذية
كما تعتبر جمعية « تقاطع » أن هذه الحادثة الأخيرة ليست بمنأى عما يقع من تضييقات وانتهاكات مسلطة على الجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني، خاصة منظمات حقوق الإنسان
وتؤكد جمعية « تقاطع » أن الحق في التنظيم هو حق أساسي من حقوق الإنسان، نصت عليه المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك الحق في التجمع السلمي الذي أقرته المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
كما ينصّ الفصل 40 من دستور الجمهورية التونسية على ضمان حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات، بما في ذلك الحق في عقد الاجتماعات والأنشطة دون قيود تُنتهك هذا الحق. وعليه، فإنّ مقاطعة اجتماع الجمعية وإعلام أعضائها بمغادرة مقرها يُمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق المذكورة
وتبعًا لذلك، تُطالب جمعية « تقاطع » بوقف جميع أشكال التضييق والممارسات القمعية التي تستهدف جمعية القضاة التونسيين، وضمان مُمارستها لأنشطتها بحريةٍ تامةٍ ودون أي تدخل من السلطة التنفيذية
كما تطالب الحكومة التونسية باحترام التزاماتها الدولية والدستورية المتعلقة بضمان حرية التجمع والتنظيم لجميع المواطنين والجمعيات، بما في ذلك جمعية القضاة التونسيين
وتؤكد على ضرورة إنهاء سياسة تكميم الأفواه وقمع الحريات، وخلق بيئةٍ تُمكّن المجتمع المدني، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، من العمل بحريةٍ واستقلالية
وتدعو جميع القوى الديمقراطية والمنظمات الحقوقية والمدنية إلى التضامن والوقوف صفًا واحدًا في وجه كل محاولات تقييد الحريات والعودة إلى مُمارسات القمع والاستبداد