جريدة الصباح تصَنْصِر افتتاحية آسيا العتروس وهذه الأخيرة تنشرها على حسابها بالفايسبوك – Actualités Tunisie Focus
افتتاحية الصباح التي تم صنصرتها اليوم و تعويضها بمقال في ص 10
بضعة اشهر تفصلني عن نهاية العقد القانوني الذي يربطني بالصباح منذ 33 عاما و كنت اود الا اكون في هذا الموقف اليوم و انا اعيد نشر الافتتاحية التي تم صنصرتها
قبل 2011 عملنا في قطاع مليء بالتحديات و حرصنا قدر الإمكان ان نمارس هذه المهنة ااتي عشقناها بمهنية و احترام و بعد 2011 خضنا في دار الصباح اكثر من معركة من اجل حرية الراي و التعبير و تصدينا المحاولات اانهضة للهيمنة على المؤسسة و رفضنا التعيينات الفوقية و الولاء ات و كسبنا جولة مهمة و حرصنا على استقلاليتنا و مهنيتنا و رفضنا الإغراءات و المناصب وتعاطينا مع الأحداث بنفس الموضوعية مع مختلف الحكومات المتعاقبة و انتقدنا الترويكا و ممارساتها و انتقدنا المرزوقي و الباجي رحمه الله بكثير من القسوة في احيان كثيرة في مقالات و افتتاحيات ناقدة دون اسفاف او ابتذال.. و هذا ما كان في افتتاحية الامس التي تم صنصرتها…و قناعتي ان الصمت و التعاطي مع ما حدث و كان شيئا لم يكن اهانة لمسيرتي في دار الصباح التي تقترب من نهايتها و لكن ايضا و هذا الاهم سقوط في النفاق و الرياء وقد كنا نقف في هذه المؤسسة في الصفوف الاولى دفاعا عن السلطة الرابعة…لم تكن الافتتاحية دفاعا غن بوغلاب و لا تدخلا في شان القضاء بل دفاعا عن حق اي مواطن في قضاء عادل.. سبق و كتبت اثناء ايقاف زياد الهاني افتتاحية بعنوان السلطة و فوبيا الاعلام.. و قناعتي هذا دورنا…لا عودة الى الوراء كلمة ما انفك رءيس الجمهورية يرددها ونحن ايضا نتفق معه انه لا عودة الى الوراء… قد وجب التوضيح احتراما لذواتنا قبل مغادرة القطاع.. و فيما يلي الافتتاحية المصادرة
صباح الخير
صحفيون لا إرهابيون
من شأن تواتر التتبعات القضائية ضد الصحفيين خارج إطار المرسوم 115 المنظم لحرية الصحافة والطباعة والنشر واللجوء بدلا من ذلك إلى ترسانة من القوانين ذات الطابع الزجري كالمرسوم 54 والمجلة الجزائية، أن يثير الكثير من المخاوف ليس لدى أهل القطاع فحسب ولكن لدى كل المؤمنين والمدافعين عن الحقوق والحريات وتحديدا حرية الرأي والتعبير من مخاطر التطبيع مع هذا التمشي والدفع للعودة إلى الوراء تحت عديد الذرائع
نقول هذا الكلام ونحن نتابع وننتظر أيضا ما ستؤول إليه قضية الصحفي محمد بوغلاب الذي يواجه تهما تتعلق : بالإساءة للغير عبر الشبكات العمومية ونسبة أمور غير حقيقية لموظف عمومي دون الإدلاء بما يفيد ذلك
وسيكون من المهم الإشارة إلى أنه فيما سبق لا يعني بأي حال من الأحوال الاتفاق مع الصحفي بوغلاب في أفكاره وتوجهاته، ولا يعني أيضا تحريضا له على ذلك، فقد يحدث أننا في لحظات الانسياق وراء الأفكار المسبقة ننسى أو نتناسى أن ما حدث لبوغلاب يمكن أن يحدث لأي كان وأن هذا يقودنا للقول صراحة انه من الأهمية بمكان أن نتذكر أن ضمان تطبيق الإجراءات العادلة لكل الأطراف حق دستوري لا يقبل المزايدات والابتزازات.. الكثيرون يتساءلون اليوم عن خلفية تواتر القضايا ضد الصحفيين ما « إذا كان الصحفي على رأسه ريشة »، وفق المثل الشعبي.. والحقيقة أن أكثر من سبب من شانه أن يدعو اليوم أن نتوقف عند هذه القضايا وما سبقها وما سيلحقها أيضا من شكاوى أو ملاحقات في حق الصحفيين وغيرهم أيضا من فنانين أو مدونين آو محامين ممن يجدون أنفسهم في قفص الاتهام بسبب تصريح أو تدوينة أو مقال أو رسم بعيدا عن الانحياز الأعمى للقطاع أو الاستعلاء على القانون
وبعيدا عن العودة إلى تفاصيل ما حدث فيما بات يعرف بقضية بوغلاب على اعتبار أن الغموض لا يزال سيد المشهد حول ما إذا كانت الصدفة وحدها وراء إثارة قضية في مثل هذا التوقيت أو ما إذا كانت هناك أهداف أخرى وراء ذلك، فان الأكيد أن التوقيت من شأنه أن يفتح باب التأويلات والقراءات
وفي انتظار ما ستؤول إليه قضية الحال من حقنا أن نسأل الم يكن بالإمكان التحقيق مع المعني في حالة سراح وهل كان بوغلاب يمثل تهديدا للأمن العام وكيف يمكن التعاطي مع هذه القضايا التي لا نخالها ستتوقف في ظل المرسوم 54 ولكن أيضا في ظل التشنج الحاصل بين التونسيين وفي ظل تنامي مناخ الأحقاد على المواقع الاجتماعية وامتداد عقلية التشفي والرغبة في الانتقام ونصب المحاكم الشعبية؟
لا خلاف أن هناك حاجة اليوم لتنظيم القطاع وإعادة هيكلته بعد أن تهاوت تجربة ما سمي بالتعديل الذاتي وهذا لا يمكن أن يحدث دون تقييم المشهد الإعلامي بكل مكوناته ومؤسساته تقييما مهنيا موضوعيا بعيدا عن التجارب السابقة التي أثبتت فشلها والتي طالما انفردت فيها السلطة بالتحكم في إدارة الإعلام وتقييده ليبقى إعلام الموالاة
وصف الصحافة بالسلطة الرابعة لم يكن من فراغ والأكيد أن في هذا التصنيف ما يجعل للصحافة مكانة استثنائية بين سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية، والقضائية ليس لأنها سلطة قرار ولكن لأنها سلطة إخبارية ورقابية تكشف وتفضح المستور لكنها أيضا تنير وتصنع الرأي العام وهذا ما لم لا يمكن أن ندعي أننا بلغناه أو حتى اقتربنا منه..، ومن هذا المنطلق أهمية المرجعيات والقوانين والمؤسسات المنظمة للسلطة الرابعة ولأهل القطاع عموما.. وقد وجب الاعتراف أننا في تونس نشكو حالة فراغ طال أمدها ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر إلى ما لا نهاية في ظل الإعلامي المأزوم
أخيرا وليس آخرا فإن مشهد صحفي يقاد إلى المحكمة مقيد اليدين بالأغلال كالإرهابيين وأخطر المجرمين مؤلم وموجع إلى أبعد الحدود
آسيا العتروس