قيس سعيد يؤكد أن الثقة معدومة في الإدارة – Actualités Tunisie Focus
زيارة رئيس الجمهورية إلى شاطئ حمام الأنف نخرج منها بأربع ملاحظات
الملاحظة الأولى نلتقطها من عبارة خالد حسني لحظة الاستقبال (إذن النداء وصل) فيطمئنه الرئيس بقوله (نعم وصل النداء). فإذا كانت الملفات لا تفتح إلا إذا ما وصلت إلى طاولة الرئيس فمعنى ذلك أن الثقة المعدومة في الإدارة يؤكدها الرئيس ويبني عليها
الملاحظة الثانية: المشهد الرئاسي عزف منفرد لا مجال فيه للاختلاف. ففي الجولة ثلاثة أشخاص هم خالد حسني (المُبلّغ في ما يبدو)، ووالي بن عروس والرئيس. وثلاثتهم يتحدثون في اتجاه واحد عن تلوّث شاطئ حمام الأنف ويرمون الاتهامات على جهات لا نعرفها و(لوبيات) من مصلحتها أن يتلوث الشاطئ بتلك الكيفية!! وينتقدون وكالة حماية الشريط الساحلي (آبال ) التي كان يمكن استدعاء ممثل عنها ليفسر بلغة الهندسة لا بالشعارات السياسية ما حدث للشاطئ وكيف يمكن إصلاحه
الملاحظة الثالثة: الرئيس كالعادة لا يستمع إلى الآخرين حتى وإن كانوا يوافقونه الرأي ويعزفون معه على نفس الوتر، وفي لقطات كثيرة من الفيديو يتحدث الثلاثة معا وتتداخل أصواتهم ولا تفهم منهم إلا بعض الكلمات من نوع: اللوبيات، الفساد، الإدارة، الدراسات، الخ ورغم أن زيارات الرئيس في هذه الفترة تعتبرها المعارضة جزءا من حملة رئاسية سابقة لأوانها تستخدم مقدرات الدولة، فإن الرئيس لا يفند ذلك بل يؤكده حين يستغل الموقف للسخرية ممن يدفعون المال لجمع التزكيات كأنهم هم المسؤولون عن تلوث شاطئ حمام الأنف
الملاحظة الرابعة: اقتصرت الزيارة على المعاينة الميدانية، والمصادقة على ما قاله (المبلغ) والطعن في كفاءة إدارة حكومية هي وكالة حماية الشريط الساحلي، ثم ماذا؟ لا شيء!! سيتوقف الأمر عند هذا الحد، وسينسى، فحتى لو توفرت لدى الرئاسة الرغبة الصادقة في التدخل لا بد (في ظل القوانين الحالية) من العودة إلى الحكومة والوكالة المطعون شرفها والسير في الطريق العادي من حيث الاعتمادات والدراسات وترسانة الأدوات البيروقراطية التي لا بد منها.. ولذلك لم يعد الرئيس بشيء، وإنما غلب على خطابه (الحنين إلى الماضي) والتحسر على شاطئ حمام الأنف كما كان يعرفه من قبل، وتكرر في خطابه ذكر العشرينات والستينات والثمانينات مع التعجب من أن يكون التدخل البلدي في الماضي أفضل رغم قلة الإمكانات والتشكيك حتى في حقيقة التغير المناخي ومشاكل البيئة البحرية…يسترجع الرئيس الماضي بكثافة محيرة وهو الذي كان قد استدعى على عجل مديرة التلفزيون منذ أشهر ليعبر عن سخطه من بعض المثقفين والفنانين الذين يتحسرون على (الزمن الجميل) فيبيح لنفسه ما يمنعه على الآخرين
هذه العلامات الأربع دليل آخر في اعتقادي على أن النية الطيبة لا تكفي وحدها لإدارة شؤون الدولة، وأن طعن الرئيس في كفاءة أجهزة الحكومة خطأ له عواقبه، فالمواجهة المعلنة بين الرئاسة والإدارة والتي بدأت بتهمة الاختراق السياسي والشهادات المزورة وخدمة اللوبيات (دون إثباتات موثقة) انتهت الآن إلى التشكيك في كفاءتها التقنية. وهذه مواجهة غير متكافئة لن يربح الرئيس منها شيئا لكن المواطن ولا أحد غيره هو المتضرر الأكبر
عامر بوعزة